اول درس ينبغي علينا شرحه للشعب العلمية (اللغات الاجنبية، تقني رياضي، تسير وعلوم تجريبية)، يتعلق اساسا بموضوع جد واضح وبسيط يمثل تمهيداً للدخول في باقي دروس ومواضيع الفلسفة الاخرى
عنوان الدرس هو الفرق بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي، إذ سنحاول فيه إماطة اهم اوجه الاختلاف والتشابه والتداخل التي تميزهما،، والاكيد طبعاً ان شرحنا لهذا الدرس سيكون من خلال تحرير مقالة صغيرة بمنهجية المقارنة، بغية الاحاطة الشاملة والكاملة بتفاصيل الموضوع
سؤالنا كما يلي : ما هو الفرق بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي؟
ملاحظة
قبل ان نبدأ،، لابد ان تركزوا على الجمل والكلمات المكتوبة بخط غليظ، لانها تمثل اهم الحجج التي ينبغي عليك حفظها وإدراجها في مقالتك يوم الامتحان، كما اننا سنقوم بإعادة تلخيصها وكتابتها في اخر كل جزء
..مقدمة..
تشير الملاحظة اليومية إلى تعدد المشكلات محل اهتمام الإنسان منها تلك المتعلقة بحياته اليومية ومنها ما يتصل بالظواهر الطبيعية وأخرى تعالج مشكلات كلية تتجاوز الواقع الجزئي
هذا الاختلاف ولد بدوره تمايزا في نوعية الأسئلة المطروحة تراوحت عموما بين أسئلة علمية وأخرى فلسفية، فإذا كان التمايز بين مجالي العلم والفلسفة موضوعا ومنهجا وغاية أمر وارد بشهادة العلماء والفلاسفة أنفسهم، لابد علينا حينها طرح التساؤل التالي : هل يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي؟ وهل هناك علاقة بينهم؟
او بعبارة أخرى: ما الذي يميز السؤال العلمي عن السؤال الفلسفي؟
اولا : اوجه الاختلاف
لو أننا حاولنا الإجابة عن التساؤلات السابقة لوجدنا أن الاختلاف بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي يبدو جليا ولأول وهلة، وعلى أصعدة متعددة، ذلك أن السؤال الفلسفي يتعلق بالطبيعة و بما وراء الطبيعة، حيث ينتقل الفيلسوف من البحث الواقعي إلى العلل الأولى والأسباب القصوى للموجودات، وهو تساؤل قائم على الشك والنقد البناء يهدف إلى بناء معرفة شاملة عامة لذا عرف أرسطو طاليس الفلسفة بقوله: "هي علم الوجود بما هو موجود"، أي أن بحثها لا يتوقف عند حدود الظواهر الجزئية بل يتعداه إلى أسبابها، ويختلف موضوع السؤال الفلسفي باختلاف العصور بدءا بفلسفة ما قبل الميلاد وصولا إلى الفلسفة المعاصرة، ويعتمد على منهج تأملي خالص يختلف من فيلسوف لآخر، فقد اعتمد الحكيم اليوناني سقراط المنهج التوليدي القائم على الحوار وتوليد المعارف من الإنسان بصورة فطرية لا مكتسبة، في حين استخدم أبو حامد الغزالي المنهج الشكي كسبيل للمعرفة اليقينية، واشترط الفيلسوف الفرنسي "رونيه ديكارت" البداهة والوضوح كشرط أساسي لبناء أية معرفة...إلخ
ويعتبر السؤال لدى جمهور الفلاسفة أهم من الجواب لأنه يمثل مبدأ البحث ويحث عليه ويبقى باب التفكير مفتوحا وفي هذا يقول " كارل ياسبيرس": "إن السؤال في الفلسفة أهم من الجواب"، وأخيرا يشكل السؤال الفلسفي استفزازا فكريا للتخلص من الجمود والانغلاق، فلقد شبه سقراط نفسه بالذباب الخبيث الذي لابد من وجوده لتستقيم الحياة على ظهر حصان ضخم ثقيل منهك القوى، ويعني بذلك ضرورة وجود حافز يدفع لإعمال الفكر والبحث المستمر عن اليقين
..تلخيص الحجج..
السؤال الفلسفي يتعلق بالطبيعة وبما وراء الطبيعة
هو تساؤل قائم على الشك والنقد البناء
هو سؤال يبحث عن الاسباب والعلل
هو سؤال قائم على المنهج التأملي والشكي في جميع الموجودات
السؤال عند الفلاسفة هو اهم من الجواب
كما انه يبحث في كل شيء حتى في الوجود الالهي
أما السؤال العلمي فإن مجاله يرتبط بالمحسوسات الواقعية لانه ينطلق منها ليعود إليها، ويرفض ما وراء الطبيعة ويعتمد على منهج واقعي تجريبي (ملاحظة، فرضية وتجربة) كما يستخدم مناهج أخرى كالاستنتاج والوصف...،يهدف إلى بناء معارف جزئية تختص بكل ظاهرة على حدى كما أن قوانينه مستخلصة من التجربة لا من العقل، وفي هذا يقول إميل بوترو: "يبدو على القوانين والمبادئ العلمية وكأنها مستخلصة مباشرة من الطبيعة
وأخيرا ينتهي السؤال العلمي بقانون متفق حوله بين العلماء، ويعتبر الجواب أهم من السؤال لأنه يضع حدا فاصلا للعناء والبحث ويؤدي إلى حل المشكلات المستعصية
..تلخيص الحجج..
السؤال العلمي يرتبط اساسا بالواقع المحسوس
السؤال العلمي يعتمد على المنهج التجريبي من ملاحظة وافتراض الخ
قوانينه مستخلصة من التجربة الملموسة وليس من صنع الخيال او التأمل
الاجابة عند العلميين والوصول الى النتائج هي اهم من طرح السؤال
ثانيا : اوجه التشابه
رغم هذه الاختلافات بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي، إلا أنهما يشتركان من جهة أخرى في مواطن متعددة، فمن حيث المبدأ كلاهما يقوم على الدهشة والإحراج ولا يخصان إلا الخاصة من الناس (العلماء والفلاسفة) ،، كما يجعلان من الواقع منطلقا للتساؤل والبحث، ومن حيث المنهج كلاهما يعتمد طريقا في البحث ولا مجال لبلوغ المعرفة دون منهج سواء تعلق الأمر بالعلم أو بالفلسفة،، ا
أما من حيث الغاية فإن السؤال علمياً كان أو فلسفيا، يهدف إلى البحث عن الحقيقة وإشباع الفضول المعرفي والفكري لدى الباحثين، ثم معالجة أهم المشكلات التي تشغل العامة من الناس والوصول إلى نتائج مرضية،،،، بالإضافة إلى أن كلاهما يتجاوز المعرفة الشعبوية الساذجة
..تلخيص الحجج..
كل من السؤال العلمي والفلسفي يثيران الدهشة والحيرة
كلا السؤالين محصورين في فئة معينة من البشر وهم الفلاسفة والعلماء
كلاهما مرتبطان بالواقع ويسعيان الى تفسير الظواهر رغم اختلاف مناهجهما
يتشابهان في غاية البحث عن الحقيقة واشباع الفضول المعرفي
كلاهما يسعيان للوصول الى اجوبة ونتائج وحلول لمشاكل تثير فضول عام الناس
ثالثا : اوجه التداخل
إن نقاط الاتفاق هذه تقودنا إلى بيان التداخل وتحديد نوع العلاقة، وعليه يمكن القول أن العلاقة بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ضرورية تكاملية، لان نهاية الفلسفة هي بداية العلم ونهاية العلم هي بداية الفلسفة، لذلك فالفيلسوف يبحث في الميتافيزيقا، فإن وجد علاقة بينها وبين الفيزيقا يتدخل "العلم" حينها، أما العالم فمجال بحثه الفيزيقا، فإذا وجد ضرورة للانتقال إلى المبادئ والأسباب القصوى تتدخل حينها الفلسفة
وذلك ما أشار إليه "ألتوسير" حينما جعل من البحث الإنساني وحدة مترابطة يصعب فصل النظري منه عن الواقعي، وقبله "فريديريك هيجل" الذي جعل من العلوم قاعدة أي بحث فلسفي، مع إبراز الرأي الشخصي وتبريره
..تلخيص الحجج..
السؤال الفلسفي والعلمي بالرغم من اوجه الاختلاف والتشابه الموجودة بينهما، فإنهما يتداخلان ويكملان بعضهما البعض في العديد من الجوانب
خلاصة التداخل الموجود بينهما هو ان السؤال الفلسفي محصور بالجانب النظري والسؤال العلمي مرتبط بالجاني التجريبي الواقعي، وبالتالي ضرورة الوصول الى النتائج تستدعي منا الجمع بينهما
حل المشكلة
في الاخير وبناءاً على ما سبق ذكره نخلص إلى التأكيد على أن العلاقة بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي هي علاقة تداخل وتكامل، لأن العلم يشكل بمخزونه قاعدة للبحث الفلسفي، ومن جهة أخرى لا يستطيع العلم معالجة كل مشكلات الحياة، لذا فنحن بحاجة إلى نمط جديد من التفكير لا يقل أهمية، لتبقى الفلسفة حاجة إنسانية دائمة، كما أكد "كارل ياسبيرس"، ولا يستطيع العلم مهما كانت قيمته أن يعوضها، بل إنها تعوض أركان العلم لتبدأ البحث من جديد".. ويقول هوسرل ايضا : "من أراد أن يكون بالفعل فيلسوفا، وجب عليه مرة في حياته أن ينطوي على نفسه ويحاول قلب كل العلوم المقبولة.
تعليقات
إرسال تعليق